الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

إشكال وجوابه في صوم عاشوراء

أشكل على بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل اليهود عن سبب صومهم لعاشوراء، وفي آخر سنة من حياته قال الصحابة له: «إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع»، فقد علم سابقا أنه تعظمه اليهود وقد صامه من قبل!
وجوابه:

أن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لليهود أول الهجرة فلما أخبروه قال نحن أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه، وكان في أول الأمر يحب موافقة أهل الكتاب ومخالفة مشركي العرب، لكون أهل الكتاب أقرب منهم له..

ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رءوسهم، فكان أهل الكتاب يسدلون رءوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه».

ثم لما آمن به مشركو العرب، ودخل الناس في دين الله أفواجا، بعد فتح مكة، وأسلمت عامة قبائل العرب، ولم يبق إلا أهل الكتاب، شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته مخالفتهم في أمور كثيرة.

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن اليهود، والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم».

وروى شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم». رواه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم.

وروى عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر» رواه مسلم وغيره.

وروى أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222] إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح».
فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه... رواه مسلم. وغيرها من الأحاديث..

قال ابن تيمية رحمه الله في «اقتضاء الصراط المستقيم»: «فهذا الحديث يدل على كثرة ما شرعه الله لنبيه من مخالفة اليهود بل على أنه خالفهم في عامة أمورهم».

وسؤال الصحابة واستشكالهم السابق في حديث عاشوراء في قولهم: «إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى»، إنما قالوه آخرا، لما رأوه يخالفهم ويحب مخالفتهم، وإلا في أول الأمر كان يحب موافقتهم، فلا يتصور أن يستشكلوا موافقتهم، فقال لهم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع».

والله أعلم.

عبدالرحمن السديس

الأحد، 9 أكتوبر 2016

المدخل إلى المذهب الشافعي


المدخل إلى المذهب الشافعي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

يأتي المذهب الشافعي في المرتبة الثالثة للمذاهب الفقهية السنية حسب الترتيب الزمني للنشوء، وينسب إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي –رحمه الله- الذي ولد في غزة سنة 150ه وتوفي في مصر سنة 204ه.
بدأ انتشار هذا المذهب في زمن الإمام الشافعي ، فقد انتشر بمكة شرفها الله، وبغداد عاصمة الخلافة ومنارة العلم ، وقد حَمل المذهب في بغداد أئمة لا يحصون كثرة ، منهم : الإمام أحمد بن حنبل ، والإمام أبو ثور ، والكرابيسي ، والزعفراني وغيرهم من الأئمة ، بل قد كان مذهب الشافعي موثل أهل الحديث والأثر، ثم انتقل الامام إلى مصر وهناك انتشر مذهبه في حياته.
وبعد وفاته انتشر في كثير من الأمصار فصار له أتباع في الحجاز والعراق والشام وخراسان وشمال إفريقيا ، وقد امتدّ ليصل كافة البلاد الاسلامية مع مطلع القرن الخامس الهجري.
ويتميز المذهب الشافعي من بين المذاهب الأربعة بكثير من الميزات، منها:
1- عنايته بالحديث عناية بالغة ، وتقديم الصحيح المسند على ما عداه ، وأخذه بظاهر منطوق الحديث الصريح.
2- بناء الفروع على الأصول ، وتنظيمه على أصول موضوعة وقواعد ثابتة ومضبوطة ضبطا دقيقا، فقد كان الامام الشافعي أول من صنف في أصول الفقه ، وكان فقهه بمثابة اسقاطات على هذه الأصول ، ويبدو ذلك جليا في كتبه .
3- شق طريقا وسطا بين مذهب أهل الرأي ومنهج أهل الحديث.
4- جمعه بين فقه الأئمة الذين سبقوه ، فالإمام الشافعي أخذ عن الامام مالك ولازمه حتى توفاه الله ، وأخذ عن محمد بن الحسن تلميذ الامام أبي حنيفة، واطلع على مذهب الإمام الأوزاعي شيخ الشام ، والليث إمام مصر وأخذه من تلاميذ الامامين في مصر.
5- اعتماد القياس وتأطيره ، بدل الاجتهاد بالرأي.

وعناية بهذا المذهب قام فريق من الشيوخ الأفاضل في الملتقى الفقهي بموقع الشبكة الفقهية على رأسهم شيخنا الجليل/ الأستاذ أحمد الرفاعي مشرف ملتقيات المذاهب الفقهية والأستاذ المتخصص في المذهب الشافعي بوضع اللبنة الأساسية للمذهب الشافعي لتكون مرجعاً لطالب العلم ودارس المذاهب الفقهية تعطيه نبذة يسيرة عن المذهب بأسلوب موثق ، وتبسط له أهم ما يحتاجه من مباحث عند دراسة كتب المذهب، وتبين له أهم مصطلحات المذهب وأصول فقهه. كما تعرفه بأهم أعلام المذهب عبر العصور، وتعرفه بأهم مصنفات هؤلاء الفقهاء .
وكانت نتيجة جهودهم المباركة مجموعة من الموضوعات تصلح لأن تشكل مدخلاً هاماً لدراسة المذهب الشافعي.

أما أبرز المواضيع التي شكلت الخطوط العريضة للمذهب الشافعي فكانت كالتالي:
1- تراجم علماء المذهب: وتشمل:
أ- ترجمة الإمام الشافعي
ب- تراجم علماء المذهب ومراتبهم
2- أصول المذهب وأدلته
3- مراحل تطور المذهب
4- مصطلحات المذهب: وتشمل المصطلحات العامة ، ومصطلحات المتأخرين
5- التعريف بأهم الكتب المعتمدة في المذهب
6- ترتيب الكتب والأبواب الفقهية
7- المذهب القديم والجديد للشافعي
8- انتشار المذهب الشافعي في العالم الإسلامي.

موضوعات المدخل المذكورة أعلاه سوف ننوه لها هنا باختصار مع وضع رابط الإحالة إلى تلك الموضوعات:

1- تراجم علماء المذهب:
أعلام المذهب الشافعي كثيرون والإحاطة بهم أمر متعذر. أشهر هؤلاء الأعلام هم من جمعت سيرهم هنا في ملتقى المذهب الشافعي بواسطة الشيخ الرفاعي بعد أن ذكر مراتبهم، ثم سرد أسماء أشهرهم حسب طبقاتهم في الموضوعين التاليين:
1- ترجمة الإمام الشافعي
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=312&page=1
2- التعريف بأصحاب الإمام الشافعي، وطبقاتهم
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=353&page=1

2- أصول المذهب وأدلته:
إن لكل مذهب فقهي أصوله ، وبهذه الأصول تتميز المذاهب . وكلما كانت الأصول واضحة ومتفقة في المذهب، كانت الاستنباطات والاجتهادات أسدّ. ومما يميز المذهب الشافعي أن إمامه ومؤسسه الإمام الشافعي هو من وضع أصول مذهبه بل كان أول من صنف كتابا مستقلا في علم الأصول هو كتاب (الرسالة) . الشيخ أحمد الرفاعي أفرد أصول المذهب الشافعي بموضوع ذكر فيه الأدلة خاصة على هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t388.html

3- مراحل تطور المذهب:
لقد مرّ المذهب الشافعي بعدة مراحل شأنه في ذلك شأن بقية المذاهب، وقد قسم بعض أهل العلم المراحل التي مرَّ بها المذهب إلى أربع مراحل ، وبعضهم أوصلها إلى خمس، وبعضهم رفعها إلى ست ، وهكذا ، والاختلاف بينهم نشأ من طريقتهم في تحديد المرحلة وضوابطها ، الشيخ أحمد الرفاعي عمل على تقسيم هذه المراحل إلى خمس. تجد موضوع المراحل على هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t1934.html

4- مصطلحات المذهب:
إن الناظر في كتب الشافعية يجد العديد مما اصطلحوا عليه من الألفاظ وتداولوه حتى صار متعارفاً عليه بينهم أو عند عدد منهم، وليس هذا أمراً تفردوا به عن بقية المذاهب الفقهية الأخرى، ولكنَّهم قد تنوعت عندهم هذه المصطلحات وتبعثرت في كتبهم على كثرتها.
أهم المصطلحات في كتب المذهب الشافعي جمعت في موضوعين على رابطين:
1- الأول: المصطلحات بشكل عام كتبه المشرف العام الشيخ عبد الحميد الكراني بعنوان التعريف بأبرز مصطلحات المذهب الشافعي على هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t319.html
2- والثاني: لمصطلحات المتأخرين ، كتبه الشيخ أبو حزم فيصل بن المبارك على هذا الرابط :
http://mmf-4.com/vb/t594.html
ثم قام الأستاذ أحمد محمد توفيق بكتابة موضوع عن ( اختصارات المذهب الشافعى ) على هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=1089

5- التعريف بأهم الكتب المعتمدة:
لقد قام الشيخ أحمد الرفاعي بالبدء بتجهيز المكتبة الفقهية في المذهب الشافعي وذلك بعمل دراسة شاملة ، وإحصاء ، وكانت نيته متجهة لعمل دليل (مسرد) تصنيفي لمصنفات الشافعية ، وصل فيه إلى نهاية القرن الرابع الهجري، فقام بداية جزاه الله خيراً بالتعريف بأهم الكتب المعتمدة في المذهب الشافعي ، وبدأ موضوعه بقوله: (تكاثرت المصنفات في مذهب الإمام الشافعي، حتى لكأنك وأنت تتبعها ، كمن يتتبع نجوم السماء ، فالإحاطة بها أمر شبه المتعذر .
وخطتي في هذا البحث أن أورد الكتب المصنفة في المذهب ، وأتكلم على بعضها مما لم أقف عليه بما أورده العلماء الذين وقفوا عليه ، أما ما وقفت عليه فسأجتهد في ذكر منهج المصنف، مع ذكر الطبعة إن كان مطبوعا، وسأورد في نهاية المبحث رتبة الكتب عند علماء المذهب إن شاء الله تعالى)
وكانت النتيجة موضوعين شاملين (لأهم الكتب المعتمدة في المذهب الشافعي)على هذا الرابطين:
http://www.feqhweb.com/vb/t703-2.html
http://www.feqhweb.com/vb/t1126.html
كما جمع المشرف العام الشيخ عبد الحميد الكراني بعض الكتب في موضوع (من أبرز الكتب المعتمدة في المذهب الشافعي) على الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=994

6- ترتيب الكتب والأبواب الفقهية:
لقد درج أهل كلّ مذهب من المذاهب الفقهية على ترتيب كتبهم وفق طريقة معينة ، وهي مقاربةٌ بعضها البعض في الغالب مع اختلاف يسير ، وأهل المذهب الشافعي لهم طريقتهم في ترتيب الكتب الفقهية ، على اختلاف يسير بينهم أيضا. الشيخ أحمد الرفاعي اختار من كتبهم : كتاب "منهاج الطالبين" للحافظ النووي ، واستخرج منه ترتيب الكتب والأبواب، وترك الفصول والمسائل والفروع، وقد جاء الترتيب على الرابط التالي:
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=343

7- المذهب القديم والجديد للشافعي:
الشيخ محمد عمر الكاف اهتم بموضوع القديم والجديد في مذهب الإمام الشافعي، وذكر أن هذه من الموضوعات المشتهرة لدى الشافعية وفي الوقت نفسه هي من المسائل التي يكثر الخلط واللبس فيها من كثيرين كتبوا عن الإمام الشافعي ومذهبيه القديم والجديد ، فتصوروا أن الشافعي غير مذهبه كاملا ، أو أن المجتمع المصري أثر على آرائه الفقهية.. إلى غير ذلك من التصورات الخاطئة ..
وللرد على هذه الأقوال وبيان الصواب حول المسألة كتب موضوعين أحدهما للحديث عن المسائل التي رجحها الشافعية من المذهب القديم ، والآخر وضح فيه الأسباب الحقيقية لتغيير الإمام الشافعي لاجتهاداته في مصر، الموضوعات التي تحدثت عن القديم والجديد على هذه الروابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t2827.html
http://www.feqhweb.com/vb/t5063.html
http://www.feqhweb.com/vb/t5160.html

8- انتشار المذهب الشافعي في العالم الإسلامي:
انتشار المذهب الشافعي في العالم الإسلامي وتتبع المجتمعات الإسلامية المنتسبة للمذهب إلى الآن .. لا التي كانت منتسبة له في السابق موضوع تميز به الشيخ الأستاذ محمد عمر الكاف مع وقد رسم لتوضيحه خريطة للعالم الإسلامي موضحا فيها أماكن هذه المجتمعات .. حتى يتصور القارئ مدى انتشار هذا المذهب في مختلف بقاع العالم الإسلامي وهو عمل لم يسبق إليه - فيما نعلم - فجزاه الله خيراً. موضوع (انتشار المذهب الشافعي في العالم الإسلامي مع خريطته) تجدونه على هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t3368.html

إشكال وجوابه في صوم عاشوراء


إشكال وجوابه في صوم عاشوراء

أشكل على بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل اليهود عن سبب صومهم لعاشوراء، وفي آخر سنة من حياته قال الصحابة له: «إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع»، فقد علم سابقا أنه تعظمه اليهود وقد صامه من قبل!

وجوابه:

أن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لليهود أول الهجرة فلما أخبروه قال نحن أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه، وكان في أول الأمر يحب موافقة أهل الكتاب ومخالفة مشركي العرب، لكون أهل الكتاب أقرب منهم له..

ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رءوسهم، فكان أهل الكتاب يسدلون رءوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه».

ثم لما آمن به مشركو العرب، ودخل الناس في دين الله أفواجا، بعد فتح مكة، وأسلمت عامة قبائل العرب، ولم يبق إلا أهل الكتاب، شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته مخالفتهم في أمور كثيرة.

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن اليهود، والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم».

وروى شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم». رواه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم.

وروى عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر» رواه مسلم وغيره.

وروى أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222] إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح».
فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه... رواه مسلم. وغيرها من الأحاديث..

قال ابن تيمية رحمه الله في «اقتضاء الصراط المستقيم»: «فهذا الحديث يدل على كثرة ما شرعه الله لنبيه من مخالفة اليهود بل على أنه خالفهم في عامة أمورهم».

وسؤال الصحابة واستشكالهم السابق في حديث عاشوراء في قولهم: «إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى»، إنما قالوه آخرا، لما رأوه يخالفهم ويحب مخالفتهم، وإلا في أول الأمر كان يحب موافقتهم، فلا يتصور أن يستشكلوا موافقتهم، فقال لهم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع».

والله أعلم.

منقول

أقوال الإمام البخاري في الجرح والتعديل


أقوال الإمام البخاري في الجرح والتعديل


هذه جملة من أقوال الإمام الحافظ  محمد بن إسماعيل البخاري في الجرح والتعديل وبيان معانيها.


1- ( مقارب الحديث )
قول الإمام البخاري في الراوي
(مقارب الحديث) يقصد به تقوية أمره.

-قال الإمام الترمذي في جامعه(١/٣٨٤):
رأيت البخاري يقوي أمر عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ويقول: هو مقارب الحديث.اهـ
-وقال الإمام الترمذي في العلل الكبرى (١٧):
-قال البخاري: محمد بن موسى المخزومي ، لا بأس به ، مقارب الحديث.اهـ

2- ( صدوق )
قول الإمام البخاري في الراوي(صدوق) يقصد به أنه ثقة.
-قال البخاري: إسماعيل بن أبان الوراق ، صدوق.
وإسماعيل هذا ، من رجال الصحيح ، وثقه أحمد والدارقطني وغيرهما ، كما في تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر(١/٢٧٠)

3- ( فيه نظر )
قول الإمام البخاري في الراوي (فيه نظر)
يقصد به أنه متهم.
قال الحافظ الذهبي في الميزان(٢/٤١٦) عبدالله بن داود الواسطي ، قال البخاري: فيه نظر ، ولا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالباً.اهـ
وقال الحافظ الذهبي في الموقظة(٤٣):
إذا قال البخاري فيه نظر ، بمعنى أنه متهم أو ليس بثقة ، فهو عنده أسوأ حالاً من الضعيف.اهـ
وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٣٢٠): البخاري إذا قال في الرجل:(فيه نظر) فإنه يكون في أدنى المنازل وأردئها عنده.اهـ
وقال الحافظ السخاوي في فتح المغيث(٢/١٢٢):
كثير ما يعبّر البخاري بـ (فيه نظر) فيمن تركوا حديثه.اهـ

4- ( في حديثه نظر )
قول الإمام البخاري في الراوي (في حديثه نظر) يعني أنه مقل في روايته ويتفرد.
قال الحافظ الذهبي في الميزان(٢/١٧٠):
سفيان بن أبي العوجاء ، قال البخاري: في حديثه نظر. ولا يعرف بغير هذا الحديث وهو حديث منكر.اهـ

5- ( في بعض حديثه نظر )
قول الإمام البخاري في الراوي (في بعض حديثه نظر) يعني وقع في بعض حديثه نكارة.
قال الحافظ الذهبي في الميزان(٢/٢٥٢):
سويد بن عبدالعزيز الدمشقي ، قال البخاري: في بعض حديثه نظر.اهـ

6- (سكتوا عنه )
قول الإمام البخاري في الراوي (سكتوا عنه) يقصد به أنه متروك .
قال الحافظ الذهبي في الموقظة (٤٣):
قول البخاري: سكتوا عنه ، ظاهرها أنهم ما تعرضوا له بجرح ولا تعديل ، وعلمنا مقصده منها بالاستقراء أنها بمعنى تركوه.اهـ
وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٣٢٠): البخاري إذا قال في الرجل:(سكتوا عنه) فإنه يكون في أدنى المنازل وأردئها عنده.اهـ
وقال الحافظ السخاوي في فتح المغيث(٢/١٢٢):
كثير ما يعبّر البخاري بـ (سكتوا عنه) فيمن تركوا حديثه.اهـ

7- ( منكر الحديث )
قول الإمام البخاري في الراوي (منكر الحديث) يقصد به أنه كذاب ، لا تحل رواية حديثه.
قال الحافظ الذهبي في الميزان (١/٥):
نقل ابن القطان أن البخاري قال: من قلت فيه (منكر الحديث) فلا تحل رواية حديثه.اهـ
وقال المحدث أحمد شاكر في الباعث الحثيث(٣٢٠): قول البخاري (منكر الحديث) فإنه يريد به الكذابين.اهـ

8- ( بعض أحاديثه مناكير )
قول الإمام البخاري في الراوي(بعض أحاديثه مناكير) يقصد به أنه منكر الحديث.
قال الحافظ الذهبي في التاريخ(١٢/٢٥١):
عبدالله بن معاوية الزبيري ، قال البخاري: منكر الحديث.
وقال أيضاً في كتاب (الضعفاء الكبير) عبدالله بن معاوية من ولد الزبير بن العوام بصري بعض أحاديثه مناكير.
قلت: العبارتان بمعنى واحد ، لأن من كان بعض أحاديثه منكرة فهو أيضاً منكر الحديث ، ولا نعني به أن كل ما رواه منكر ، فإذا روى الرجل جملة وبعض ذلك مناكير ، فهو منكر الحديث.اهـ

9- ( ربما يهم )
قول الإمام البخاري في الراوي (ربما يهم)
يعني ربما أخطأ.
قال الترمذي في علله (٣٣): قال البخاري: هشيم ربما يهم في الإسناد ، وهو في المقطعات أحفظ.اهـ
وقال الحافظ الذهبي في التاريخ(١٠/١٠٢):
جرير بن حازم الأزدي ، وثقه الناس ، وله أحاديث ينفرد بها فيها نكارة وغرابة ، ولهذا يقول فيه البخاري: ربما يهم.اهـ


10- ( ليس بالقوي )
قول الإمام البخاري في الراوي (ليس بالقوي)
 يقصد به أنه ضعيف.
قال الحافظ الذهبي في الموقظة(٤٣):
البخاري قد يُطلق على الشيخ (ليس بالقوي)
ويريد أنه ضعيف.اهـ

كتبه: بدر بن محمد البدر

✍قناة أهل الحديث والسنة✍
http://cutt.us/MI1t

فوائد منتقاة من كتاب الداء والدواء

عدم إقبال القلب قد يحول دون إجابة الدعاء
"وكذلك الدعاء ، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب ، ولكن قد يتخلف عنه أثر  إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان ، وإما لضعف القلب وعدم إقبالهعلى الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا ؛ وإما لحصول المانع من الاجابة من أكل الحرام ، والظلم ، ورين الذنوب على القلوب ، واستيلاء الغفلة والسهو واللهو وغلبتها عليها
 "كما في صحيح الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
"ادعو الله وأنتم موقنون بالاجابة ، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب
غافل لاه )
فهذا دواء نافع مزيل للداء ، ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته "  الداء والدواء (ص : 9)
________________________________________________________________
قال ابن القيم رحمه الله :
والدعاء من أنفع الادويه ،  وهو عدو البلاء ، يدافعه ويعالجه  ويمنع نزوله ، ويرفعه، او يخففه اذا نزل .  الداء والدواء  ص11
_______________________
 قال عن الدعاء
وله مع البلاء ثلاث مقامات :
أحدها : أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.
الثاني : أن يكون أضعف من البلاء ، فيقوى عليه البلاء فيصاب به
العبد  و لكن قد يخففه و إن كان ضعيفا.
الثالث : أن يتقاوما و يمنع كل واحد منهما صاحبه.
الداء و الدواء 12
_______________________
قال ابن القيم -رحمه الله -
ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه :
أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة ، فيستحسر ، ويَدَعَ الدعاء . وهو بمنزلة مَن بذر بَذرًا أو غرس غِراسا ، فجعل يتعاهده ويسقيه ، فلمّا استبطأ كماله وإدراكه ، تركه وأهمله !
وفي الصحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى عليه وسلم ؛قال :
( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ،يقول : دعوت ،فلم يستجب لي )
الداء والدواء صـ١٥
 ____________________
الدعاء الذي لا يكاد يرد   !
 " إذا جمع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب ،
وصادف وقتا من أوقات الاجابة الستة وهي : الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان ، وبين الأذان والاقامة ، وأدبار الصلوات المكتوبات ، وعند صعود الامام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة ، واخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم وصادف خشوعا في القلب ، وانكسارا بين يدي الرب ، وذلآ له ، وتضرعا ورقة ؛ واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة ، ورفع يديه إلى الله تعالى ، وبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله ، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ، ثم دخل على الله ، وألح عليه في المسألة، وتملقه ، ودعاه رغبة ورهبة ، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وقدم بين يدي دعائه صدقة فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا ، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الاجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم "

الداء والدواء     ( ص  16 - 17)
____________________

من أسرار إجابة الدعاء .
"وكثيرا ما تجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم ، ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه ، وإقباله على الله ، أو حسنة تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرا لحسنته ، أو صادف وقت إجابة ونحو ذلك ، فأجيبت دعوته ، فيظن الظان أن السر في لفظ ذلك الدعاء ، فيأخذه مجردا عن  تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي
 وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي ، فانتفع به ، فظن غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده
كاف في حصول المطلوب ، كان غالطا .
وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس .

كتاب الداء والدواء (ص : 25)
__________________________
 قال ابن القيم -رحمه الله -

والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه لا بحدّه فقط ، فمتى كان السلاح سلاحًا تامًّا لا آفة به ، والساعد ساعد قوي ، والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلّف واحد من هذه الثلاثة تخلّف التأثير .

فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح ، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء ، أو كان ثَمَّ مانع من الإجابة ، لم يحصل الأثر .الداءوالدواء صـ٢٦
__________________________
أصل سعادة العبد في أمرين :

"  أحدهما : أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير ، ويكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده في العالم ، وما جربه في نفسه وغيره ، وما سمعه من أخبارالأمم قديما وحديثا .
 ومن أنفع ما في ذلك تدبر القران ، فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه ، وفيه أسباب
 الشر والخير جميعا مفصلة مبينة  .
 ثم السنة : فإنها شقيقة القران ، وهي الوحي الثاني ..
 ومن صرف إليهما عنايته اكتفى
بهما عن غيرهما، وهما يريانك الخير والشر وأسبابهما، حتى كأنك تعاين ذلك عيانا.

 والأمر الثاني : أن يحذر مغالطة نفسه له على هذه الأسباب ، وهذا من أهم الأمور ، فإن العبد يعرف أن المعصية والغفلة من الأسباب المضرة له في دنياه واخرته ، ولا بد ؛ ولكن تغالطه نفسه بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة ، وبالتسويف بالتوبة تارة ، وبالاستغفار باللسان تارة ، وبفعل المندوبات تارة ، وبالعلم تارة ، وبالاحتجاج بالقدر تارة ، وبالاحتجاج بالأشباه والنظراء والاقتداء بالأكابر تارة ... "

كتاب الداء والدواء : (ص :35-36)
_______________________
استشهد ابن القيم رحمه الله بكلام الحسن البصري رحمه الله حيث قال في حسن الظن :

ان المؤمن احسن الظن بربه ، فأحسن العمل ، وان الفاجر اساء الظن بربه ، فأساء العمل .

كتاب الداء والدواء ص٤٥
______________________
قال ابن القيم -رحمه الله -

( ولا تستطيل هذا الفصل ،فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد ،ففرقٌ بين حسن الظن بالله وبين الغِرة به.

قال تعالى {إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله }

فجعل هؤلاء أهل الرجاء ، لا البطالين والفاسقين .

وقال تعالى :
{ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم }

فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها .

فالعالم يضع الرجاء مواضعه ، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه . )

الداء والدواء صـ ٥٠
________________________________
من خدع النفوس وغرور الأماني !

" كيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله ، وأن الله يسمع كلامه ، ويرى مكانه ، ويعلم سره وعلانيته ، ولا يخفى عليه خافية من أمره ؛ وأنه موقوف بين يديه ومسؤول عن كل ما عمل ، وهو مقيم على مساخطه ، مضيع لأوامره ، معطل لحقوقه . وهو مع هذا محسن الظن ..  وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني .."

كتاب الداء والدواء (ص : 46)