الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

إشكال وجوابه في صوم عاشوراء

أشكل على بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل اليهود عن سبب صومهم لعاشوراء، وفي آخر سنة من حياته قال الصحابة له: «إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع»، فقد علم سابقا أنه تعظمه اليهود وقد صامه من قبل!
وجوابه:

أن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لليهود أول الهجرة فلما أخبروه قال نحن أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه، وكان في أول الأمر يحب موافقة أهل الكتاب ومخالفة مشركي العرب، لكون أهل الكتاب أقرب منهم له..

ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رءوسهم، فكان أهل الكتاب يسدلون رءوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه».

ثم لما آمن به مشركو العرب، ودخل الناس في دين الله أفواجا، بعد فتح مكة، وأسلمت عامة قبائل العرب، ولم يبق إلا أهل الكتاب، شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته مخالفتهم في أمور كثيرة.

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن اليهود، والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم».

وروى شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم». رواه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم.

وروى عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر» رواه مسلم وغيره.

وروى أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222] إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح».
فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه... رواه مسلم. وغيرها من الأحاديث..

قال ابن تيمية رحمه الله في «اقتضاء الصراط المستقيم»: «فهذا الحديث يدل على كثرة ما شرعه الله لنبيه من مخالفة اليهود بل على أنه خالفهم في عامة أمورهم».

وسؤال الصحابة واستشكالهم السابق في حديث عاشوراء في قولهم: «إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى»، إنما قالوه آخرا، لما رأوه يخالفهم ويحب مخالفتهم، وإلا في أول الأمر كان يحب موافقتهم، فلا يتصور أن يستشكلوا موافقتهم، فقال لهم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع».

والله أعلم.

عبدالرحمن السديس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق